“نجوت من مؤسسة بلا روح”… شهادة مؤلمة لمتطوع سابق بعد حل مجلس إدارة الهلال الأحمر في القنيطرة

 

كتب: اسامه الكومه

 

في منشورٍ مؤثر نشره على صفحته الشخصية، كسر المتطوع السابق في الهلال الأحمر العربي السوري فرع القنيطرة، الأستاذ أسامه الكومه، صمته بعد قرار حل مجلس إدارة الفرع، متحدثًا بلغة تحمل الكثير من الألم، والغُصَص، ولكنها في الوقت ذاته تنضح بالكرامة، وتُعبّر عن انتصار شخصي بعد تجربة وصَفها بـ”المريرة”.

 

الكومه، الذي قضى سنوات من عمره في العمل الإنساني ضمن الفرع، روى تفاصيل ما تعرّض له من تضييق وتشويه، وتصفية حسابات شخصية، مؤكّدًا أن المؤسسة التي يُفترض أن تكون حاضنة للخير أصبحت، في لحظة ما، ساحة للسلطة والتسلّط.

 

العمل الإنساني… لا يعني أن جميع العاملين إنسانيون

 

استهل الكومه منشوره بجملة لافتة:

 

أحيانًا نعمل في أماكن يُفترض أن تحمل طابعًا إنسانيًا، لكنها تكون مليئة بالتحزّب والاستغلال.”

 

ويضيف:

 

المؤسف أن بعض من دخلوا إلى هذه المؤسسات لم يكن هدفهم خدمة الإنسان، بل خدمة أنفسهم. 

سلطة بلباس الرحمة، وصفقات خلف شعارات الإغاثة.”

 

ويبدو أن حديث الكومه لم يكن فقط عن تجربة شخصية، بل عن واقع يشمل شريحة من المؤسسات التي ترفع شعارات إنسانية، لكنها تعاني من أمراض إدارية وأخلاقية، لا سيما عندما تتحول المناصب إلى غايات، ويتحوّل العمل الجماعي إلى صراع نفوذ.

 

“كرامتي أغلى من أي منصب”

 

في عام 2020، بدأت معاناة الكومة داخل الفرع، حين تعرّض لما أسماه “تقارير كيدية” أعدّها بعض زملائه، لا بدافع المصلحة العامة، بل بهدف الإقصاء والتشويه، على حد وصفه.

 

تعرضت لتهميش متعمّد، وتشويه ممنهج، ومحاولة كسر ليس فقط في عملي، بل في صورتي أمام من خدمتهم سنين.”

 

حينها، اتخذ قرارًا صعبًا بالانسحاب من المؤسسة، وترك العمل فيها رغم ما قدمه من جهود. لكنه، وكما قال، “خرج مرفوع الرأس، نظيف القلب، لأنه لم يدخلها يومًا بحثًا عن منصب، بل من أجل الإنسان فقط.”

 

بعد خروجه من فرع القنيطرة، حصل الكومه على فرصة عمل في دمشق، ضمن بيئة وصفها بأنها “نظيفة إداريًا، وتحترم الكفاءات”.

 وهناك، بدأ من جديد، دون وساطة أو دعم، وتمكن من إثبات نفسه كمتميز في عمله، بجهده فقط.

 

أكرمني الله بفرصة عمل جديدة في مكان نظيف… وهناك شعرت أن الإنسان يمكن أن يُقدّر فقط لأنه يعمل بإخلاص.”

 

هذا النجاح شكل له انتصارًا شخصيًا، وتجربة نقيضة لما عاشه في القنيطرة، لكنه في الوقت نفسه لم ينسَ ما تعرّض له، ولم يغفل عن حجم الظلم الذي لحق به وغيره من المخلصين، الذين غادروا بصمت.

 

يكشف الكومه في منشوره أن بعض الأشخاص داخل الفرع، وبعد خروجه، أصروا على شطب اسمه من سجلات المتطوعين، خوفًا من عودته يومًا ما، أو من مواجهته مستقبلًا في حال تغيّرت الظروف.

 

لم يكتفوا بإبعادي، بل أزالوا اسمي بالكامل من المؤسسة، وكأنني لم أكن. 

لكنهم لا يدركون أن من يعمل بنية صافية، لا يمكن محوه بهذه الطريقة.”

 

قرار حل مجلس إدارة فرع القنيطرة لم يكن مجرد خبر إداري عابر بالنسبة للكومه، بل اعتبره عودة متأخرة للعدالة، ولو بشكل غير مباشر، ورسالة بأن “الحق لا يموت وإن تأخر ظهوره”.

 

وأكد أن المحاسبة ضرورية، ليست بغرض الانتقام، بل لأن الصمت عن الأخطاء السابقة يُرسّخ الفساد ويشجّع تكرار المأساة.

 

من أساء واستغل سلطته داخل المؤسسة، يجب أن يُحاسب.

 لا بد من رد الاعتبار لكل من أُقصي ظلمًا.”

 

في ختام منشوره، كتب الكومه كلمات تحمل مرارة التجربة، لكنها لم تخلُ من الأمل:

 

الكرامة ليست منصبًا، والرجولة لا تختصر بلقب، والإنسانية ليست مؤسسة… إما أن تكون فيك، أو لن تتمكن من ادّعائها مهما حاولت.”

 

ورغم كل شيء، عبّر عن إيمانه أن الخير لا يزال موجودًا، وأن هناك من يعمل بنقاء، دون تملق أو مصالح.

وأكد أن الإنسان الذي يعمل بصدق لا يحتاج تلميعًا أو صخبًا إعلاميًا، لأن “الناس تميّز النور من الزيف”.

 

ختامًا…

 

تجربة أسامه الكومه، مثل كثيرين غيره، تضعنا أمام سؤال كبير:

هل يكفي رفع شعار “العمل الإنساني” لنعفي المؤسسات من المحاسبة والمساءلة؟

وهل من العدل أن يُقصى الصادقون، بينما تُمنح السلطة لمن لا يملكون إلا الولاء الأعمى؟

 

ما قاله الكومه ليس مجرد قصة شخصية، بل صرخة صادقة في وجه منظومة تحتاج إلى مراجعة جادة، وإعادة بناء على أسس أخلاقية حقيقية.

وإن كانت الأيام قد أنصفته جزئيًا، فهناك كثيرون ما زالوا ينتظرون إنصافهم… بصوت أو بقرار.

 

 

للمزيد من الأخبار تابع صفحتنا على الفيسبوك  عبر هذا الرابط

Related Posts

شبرا الخيمة بين القمامة و”الكارو”: مشهد عشوائي يثير الغضب

كتب كيرلس حلمي   رغم من جهود الحي في تنظيف شوارع شبرا الخيمه، إلا أن إصرار الأهالي على إلقاء القمامة في الشوارع وعلى أرصفة الطرق العموميه مازال مستمراً بصورة لافتة…

قوات الأمن تحاصر تشكيل عصابي وآخرين في الأقصر

    كتبت – إسراء أحمد     تمكنت الأجهزة الأمنية بالقبض على تشكيل عصابي و 5 آخرون أثناء هجوم عليهم في مكان لتجارة المخدرات وأسلحة نارية وذخائر، بمركز أرمنت،…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *