
بقلم أسامة محمود.
في الخامس والعشرين من أبريل من كل عام، تحتفل مصر بذكرى تحرير سيناء، ذلك اليوم الذي يمثل علامة فارقة في تاريخ الوطن، ويجسد أسمى معاني النضال والتضحية والفداء من أجل الأرض والعرض. إنه اليوم الذي تكللت فيه الجهود السياسية والدبلوماسية والعسكرية بالنجاح، لتعود أرض سيناء الغالية إلى أحضان الوطن بعد سنوات من الاحتلال.
سيناء.. الأرض المقدسة
تُعد سيناء أرضًا لها قدسيتها التاريخية والدينية، فهي الأرض التي تجلّى فيها الله سبحانه وتعالى، ومسرحًا للعديد من المعارك والأحداث المصيرية في تاريخ مصر. وعبر التاريخ، كانت سيناء خط الدفاع الأول عن مصر، وهي التي عانت كثيرًا من ويلات الحروب، لكن شعبها لم يتخلَّ يومًا عن الدفاع عنها.
حرب أكتوبر.. بداية التحرير
انطلقت شرارة التحرير الحقيقية في السادس من أكتوبر عام 1973، عندما عبر جنود مصر البواسل قناة السويس، وحطموا خط بارليف المنيع، في معركة أبهرت العالم وغيرت موازين القوى في المنطقة. لقد قدم أبناء مصر في هذه الحرب أرواحهم فداءً للوطن، وسطروا بدمائهم أروع ملحمة في تاريخ العسكرية المصرية.
التحرير الكامل بالدبلوماسية
رغم الانتصار العسكري العظيم، لم تكن المعركة قد انتهت، إذ استمرت مصر في مساعيها الدبلوماسية لاستكمال تحرير سيناء، وهو ما تحقق عبر اتفاقية “كامب ديفيد” التي وقعتها مصر عام 1979. وبموجب هذه الاتفاقية، انسحبت إسرائيل من معظم أراضي سيناء على مراحل، حتى كان يوم 25 أبريل 1982، الذي شهد رفع العلم المصري على آخر نقطة من أرض سيناء، في طابا، بعد حكم التحكيم الدولي.
يوم خالد في وجدان المصريين
تحرير سيناء ليس مجرد حدث تاريخي، بل هو رمز للكرامة الوطنية، وللقدرة على استعادة الحق بالعمل والعرق والصبر والمثابرة. ويظل هذا اليوم محفورًا في وجدان كل مصري، يُستحضر فيه بطولات الشهداء، وصبر الأسرى، وتضحيات الأمهات والآباء الذين قدموا أبناءهم فداءً للوطن.
سيناء اليوم.. التنمية هي التحدي
لم تعد معركة سيناء اليوم مع الاحتلال، بل مع التنمية الشاملة. فالدولة المصرية تبذل جهودًا كبيرة في تنفيذ مشروعات قومية وتنموية في كل أرجاء سيناء، لتعميرها وتوفير فرص العمل لأبنائها، وتحويلها إلى قلب نابض بالحياة والإنتاج. إن التنمية هي الضمان الحقيقي لاستمرار السلام والاستقرار في هذه البقعة الغالية.
تحية لمن صنعوا المجد
في ذكرى تحرير سيناء، نوجه تحية إجلال وإكبار لكل من ساهم في تحرير الأرض، من رجال القوات المسلحة، والدبلوماسيين، والمفاوضين، والشهداء الذين رووا تراب سيناء بدمائهم الطاهرة. فهم من كتبوا هذا اليوم بحروف من ذهب في سجل الوطنية المصرية.
الخاتمة
يبقى يوم 25 أبريل رمزًا خالدًا للتحدي والانتصار، ودرسًا للأجيال القادمة في أن الأرض لا تُسترد إلا بالدم، ولا تُحفظ إلا بالوحدة والعمل. وستظل سيناء، بأهلها وتاريخها، شاهدة على أن مصر لا تنسى حقها، ولا تتخلى عن ذرة من ترابها.