مناورة جسر المتوسط : حين تتشابك أمواج السياسة بالنار والحديد

بقلم : يوحنا عزمي 

 

في مشهد لا يخلو من الرسائل الصاخبة ، أجرت البحرية المصرية مناورات ضخمة مع أسطول الجيش الروسي في قلب البحر المتوسط ، وتحديدًا في رقعة إستراتيجية تترنح فوق بركان 

الشرق الأوسط. البحر لم يكن فقط ساحة تدريب ، بل صفحة مفتوحة لكتابة سطور جديدة في معادلات القوة.

 

 – القطع الحربية اللي شاركت من الجانبين :

 

من الجانب الروسي ، تقدمت الفرقاطة “أدميرال جولوفكو”، وهي واحدة من أحدث القطع في الأسطول الشمالي الروسي، مزوّدة بصواريخ كروز طويلة المدى وأنظمة دفاع جوي متقدمة. كما رافقتها سفن دعم وإمداد، ما يوحي بجهوزية لعمليات طويلة 

المدى خارج المياه الروسية.

 

أما البحرية المصرية، فقد دفعت بقطعتها الفخر “ميكو A200″، والغواصة الألمانية Type-209، وسفن إنزال وزوارق صواريخ سريعة، إلى جانب وحدة مقاتلة جوية من طراز F-16 Block 52 مجهّزة بصواريخ “جو-سطح”، مما يعكس استعدادًا لتنفيذ عمليات مركبة ثلاثية الأبعاد : سطح – جو – أعماق.

 

– سيناريوهات القتال اللي اتنفذت :

 

المناورة لم تكن مجرد استعراض ، بل حملت في طياتها سيناريوهات مواجهة فعلية :

 

حماية ممرات الشحن الاستراتيجية من تهديدات غير تقليدية كالمسيرات أو الزوارق الانتحارية.

 

ضرب أهداف بحرية معادية بصواريخ موجهة من الجو والبحر.

 

التصدي لهجوم جوي مفاجئ ومحاكاة الدفاع عن منصة غاز وسط البحر.

 

عملية مشتركة لتحرير سفينة مختطفة ، بمشاركة ضفادع بشرية روسية ومصرية.

 

– التنسيق التكتيكي واللوجستي على أعلى مستوى :

 

أبرز ما لفت الأنظار هو قدرة القوتين على تنفيذ عمليات معقّدة بتنسيق محكم ، رغم الفروقات في العقيدة القتالية. التواصل اللحظي بين المراكز القيادية ، تبادل بيانات الرادارات ، واستخدام أنظمة إدارة نيران متكاملة ، أعطى انطباعًا بأن هناك تدريبًا مسبقًا وخطة طويلة الأمد تتجاوز مجرد “تمرين عابر”.

 

– الرسائل السياسية المبطنة للتدريب ده :

 

في ظل تصاعد التوتر في غزة ، وتصاعد الخطر الحوثي في 

البحر الأحمر ، وازدياد تواجد القطع الأمريكية والفرنسية في

 شرق المتوسط، تأتي هذه المناورة بمثابة رسالة سياسية واضحة:

 

أن مصر ليست رهينة لتحالفات أحادية الجانب.

 

أن روسيا ما زالت قادرة على الوصول إلى الجنوب ، رغم استنزافها في أوكرانيا.

 

أن هناك تحالفًا غير معلن، يهدف لكسر الهيمنة الغربية على طرق الطاقة وممرات الشحن.

 

– ليه الفرقاطة الروسية “أدميرال جولوفكو” مهمة؟

 

هذه الفرقاطة تحمل معها ما هو أكثر من الصواريخ: إنها رمز لعودة الأسطول الروسي للمياه الدافئة. تحمل على متنها صواريخ “كاليبر” القادرة على ضرب أهداف على بُعد 2000 كم، ما يعني أن وجودها في المتوسط يعادل نشر قاعدة صاروخية متنقّلة قبالة السواحل الأوروبية.

 

– إزاي شاركت مصر بطائرات F-16؟

 

على الرغم من أن الـ F-16 طائرة أمريكية الصنع ، إلا أن مصر أثبتت قدرتها على استخدامها خارج العقيدة الأمريكية التقليدية، من خلال تزويدها بصواريخ غير أمريكية، وتنفيذ عمليات مشتركة مع روسيا، ما قد يزعج البنتاغون. المشاركة الجوية أظهرت كيف يمكن توظيف سلاح غربي في تكتيك متعدد المحاور، يخدم مصلحة وطنية خالصة.

 

– ليه التوقيت ده مش صدفة؟

 

ببساطة ، لأن السياسة لا تعرف الصدفة. توقيت المناورة يتقاطع مع :

 

اقتراب مرحلة حاسمة في الحرب على غزة.

 

تصاعد الوجود الغربي في قبرص واليونان.

 

محاولات واشنطن تطويق قناة السويس بحضور مباشر أو عبر الوكلاء.

 

الرسالة الأهم : مصر لن تُحاصر .. ومياه المتوسط ليست بحيرة أطلسية.

 

للمزيد من الأخبار تابع صفحتنا على الفيسبوك عبر هذا الرابط

Related Posts

“سيناء… الحلم الصهيوني الذي كُسِر والسيف الذي لا يُغمد!”

    بقلم د . هاني المصري   في الخامس والعشرين من أبريل، يقف المصريون وقفة عزٍ وفخر، يتذكرون يومًا من أيام الكرامة… يوم استردت فيه مصر كامل ترابها الوطني…

خطاب آثري يكشف الجديد حول زيجة شكسبير

كتبت: إسراء أحمد    ساد اعتقاد بأن زواج الكاتب الراحل البريطاني الشهير ويليام شكسبير من آن هاثاواى لم يكن سعيدا وأنه انتقل إلى لندن لمتابعة مسيرته المسرحية تاركا إياها فى…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *