العراق والقمة العربية بين واجبات الدولة المضيفة وضغوط الجوار

بقلم : يوحنا عزمي 

 

أتصور ان إستضافة العراق للقمة العربية المقبلة في بغداد ، لا تعطي الحق للعراق كدولة مضيفة في ان تدعوا او لا تدعو دولة عربية عضو في الجامعة العربية التي تنعقد هذه القمة تحت مظلتها لحضورها او عدم حضورها ، واعتبار ذلك حقا لها ، وهو ما لا نراه كذلك.

 

الحكومة العراقية

 

ولا يخفي ان كل الاعتراضات التي تصدر عن الداخل العراقي تطالب الحكومة العراقية بسحب دعوتها للرئيس السوري الشرع بحضور هذه القمة ، تحدث بإيعاز من إيران التي لا تجمعها بالنظام السوري الحالي اي علاقات طبيعية لأسباب تتعلق بمقاطعته لها وتصفيته لكل آثار تواجدها في عهد الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد عندما كانت إيران هي صاحبة النفوذ الاقوي فيها وبلغت مدي لم تصل إليه في تاريخ العلاقات بين الدولتين.

 

العلاقات الثنائية

 

لكن الأمر الذي يجب ان يكون واضحا هو ان دعوة الرئيس السوري الشرع لا علاقة لها من قريب او بعيد بالعلاقات الثنائية بين العراق وسوريا ، ولو كان الامر كذلك ، لما كان هناك ما يضطر الحكومة العراقية إلي دعوته اصلا ، لكن الدعوة لحضور القمة هي امر يخص الجامعة العربية ، ومن ثم ، فإنه ليس من حق اي دولة منع سوريا ممثلة في شخص رئيسها من حضورها .. وكان من واجب الأمين العام للجامعة العربية ان يتدخل لوضع الأمور في نصابها ، ولانقاذ القمة من خطر الانقسام بين معارضي القرار العراقي بالمنع وبين من قد يؤيدونه ، هذا إذا كان هناك من يؤيدونه فيما لو ان الحكومة العراقية اذعنت للصغوط الداخلية الموضوعة عليها وسحبت دعوتها للرئيس السوري.

 

وفضلا عن الجدل الذي سوف يثور حتما حول سلامة الجانب القانوني لهذا الإجراء العراقي بالمنع في مخالفة منه لاحكام ميثاق الجامعة العربية ، فإن وضع العراق كدولة مستقلة ذات سيادة يفرض عليها ان تاخذ قراراتها في هذه الأمور بعيداً عما يرضي او يغضب إيران ، التي تستطيع ان تتصرف لنفسها في القضايا التي تخصها علي اي نحو تقتنع به لنفسها ، وهذا هو ما يجب ان يكون ماثلا في اعتبار الحكومة العراقية وهي تتخذ قراراتها باسم العراق وانها ليست اكثر من دولة مضيفة .. وان مسئوليتها تنحصر في تأمين مقر الاجتماع وترك القمة تنتاقش ما جاء كل هؤلاء القادة والملوك والرؤساء والأمراء من أجله إلي بغداد هذا هو ما افهمه ، وهذه القمة تنعقد في ظروف عصيبة لم تشهد المنطقة العربية مثيلا لها في سوئها طيلة تاريخها.

النظام السوري

ومرة اخري لا تهينوا سوريا باقصائكم لرئيسها من الحضور ايا ما كان موقفكم منه او رأيكم فيه .. وإذا كنتم لا تريدون في العراق التحدث إلي الرئيس الشرع لأن هذا يحرجكم او يغضب اصدقاءكم في طهران وهم من يقاطعون النظام السوري الحالي ، ولا يخفون عداءهم له في تصريحات كبار المسئولين الإيرانيين ، فهذا حقكم. ولن ينازعكم احد فيه إذا كان ذلك يصب لصالح العراق وشعبه وليس لصالح إيران وحدها .. فقط احفظوا لسوريا ورئيسها كرامتهم بعدم سحبكم لدعوتكم له بالحضور والمشاركة في أعمال هذه القمة ، وتعاملوا معه بما يليق بوضعه كرئيس لدولة عربية شقيقة لم تتجاوز حدودها معكم ولم تتصرف بما يشكل تهديدا منها لامنكم او لسلامة شعبكم او لنظام الحكم في بلادكم.

 

كما يجب ألا يغيب عن بالكم ان هذه هي سوريا التي عادت إلي الجامعة العربية لتشغل مقعدها فيها بعد سنوات طويلة من الابعاد والعزل والمقاطعة .. وتركت وراءها فراغا لم يكن ليملاه غيرها.

 

وها هي قد عادت ، فلماذا تقاطعونها من جديد؟ ولحساب من؟

 

والمزيد من الأخبار تابع صفحتنا على الفيسبوك عبر هذا الرابط

Related Posts

تحقيق صحفي بعنوان: “السماء جفت… والصعيد ينتظر الغيث: أزمة المطر في جنوب مصر وأسرار الغياب

بقلم أسامة محمود      المقدمة:     لم تكن السماء يومًا بخيلة على أرض الكنانة، فقد عُرفت مصر عبر تاريخها بأنها “هبة النيل والمطر”، لكن السنوات الأخيرة حملت تغيرًا…

احمد حسن يكتب “بين صرخة وفرحة”

    فى ظل الصمت التام للعالم لما يحدث فى قطاع غزة من إبادة وتجويع وتهجير من الاحتلال الصهيوني نتصدم من حصيلة زيارة ترامب الى دول الخليج والتى بلغت 2…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *