
بقلم /محسن أبو عقيل
يطل علينا شهر ربيع الأول كل عام، محمَّلًا بذكرى ليست عابرة، بل راسخة في وجدان الإنسانية كلها، ذكرى ميلاد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الذي جاء رحمة للعالمين، ليست المناسبة مجرد حدث تاريخي نحتفل به، بل هي مرآة تُظهر لنا أين نحن من رسالته، وكيف نعيش أخلاقه في واقع يموج بالتحديات.
لقد اعتاد الناس في مصر على استقبال المولد بالأنوار والحلوى والابتهالات، وهذه صور جميلة تعبّر عن البهجة والوفاء للموروث الشعبي ، لكنني أرى أن الفرح الحقيقي لا يكتمل إلا حين يتحول حب النبي إلى سلوك عملي في حياتنا وأن نتعامل برحمة ونتحلى بالصدق،و أن نقيم العدل ونجعل من التسامح لغة نعيش بها لا شعارًا نردده.
إن حياة الرسول الكريم لم تكن قصصًا تُحكى للتسلية، بل كانت دستورًا عمليًا للإنسانية كلها، فإذا اكتفينا بالاحتفال المظهري وغابت عنا القيم، فإننا نفرغ الذكرى من معناها الأصيل ،هنا تكمن مسؤوليتنا فى أن نجعل من هذه المناسبة فرصة لمراجعة الذات، وفرصة لتجديد العهد مع سنته.
ولعل أجمل ما في ربيع الأول أنه يذكّرنا بأن النور لا يغيب، مهما تكاثفت حوله الظلمات، فما أحوجنا اليوم إلى أن نعيد اكتشاف رسالة النبي في واقعنا المليء بالانقسامات، وأن ندرك أن العالم لن ينهض بالعلم والتقنية وحدهما، بل بحاجة إلى قيم الرحمة التي جاء بها الحبيب المصطفى.
في الختام ربيع الأول هو مناسبة متجددة لإحياء معنى الإنسانية الذي بشّر به محمد صلى الله عليه وسلم، فإذا أردنا أن نحتفل حقًا بمولده، فعلينا أن نكون امتدادًا لرسالته في حياتنا اليومية، وأن نجعل من أنفسنا شموعًا صغيرة تضيف إلى النورٍ الذى بدأ في مكة قبل أربعة عشر قرنًا وما زال يضيء العالم.
للمزيد من الأخبار تابع صفحتنا على الفيسبوك عبر هذا الرابط