
كتب : اسامه الكومه _ المواطن السوري مستقل
لا يمكنني أن أنحاز لطرف، ولا أن أرفع راية ضد آخر. ففي هذا البلد الذي التهمته الحرب، لم تعد الوجوه سوى انعكاسات متكررة لوجه أمي، ولم تعد الجنازات سوى مواكب لوجع الأمهات، أمهات يبكين أولادهن دون أن يسألن عن لون الراية التي لُفّت بها النعوش.
في عمق هذا المشهد، لا يعود للدم هوية. لا مذهب له، ولا انتماء سياسي أو جغرافي. إنه الدم الإنساني، الصارخ في وجه الجميع بصمت موجع. أراه يسيل من كل الجهات، ويصرخ دون أن يسمعه أحد.
أقف أمام قوارب الهاربين من ألسنة الجحيم، وأتأمل الأرصفة الباردة التي ضمّت الخائفين، المشردين، الحالمين بوطن لا يخذلهم. أنظر إلى السماء التي أمطرت حزنًا، فلا أرى فرقًا بين دمعة أمّ في درعا، وصرخة طفل في حلب، وخوف شاب في السويداء أو إدلب.
لهذا، اخترت أن أبقى ما كنت عليه دائمًا: مواطنًا سوريًا مستقلًا. لا ولاء لي إلا للوجع، ولا إيمان عندي إلا بإنسانية ضاعت بين ضجيج البنادق وخطابات الكراهية.
أنا لست سوى ندبة حفرتها الحرب في جسد وطن. صوتًا آثر أن لا يصمت، لكنه في الوقت ذاته رفض أن يصرخ في وجه أخيه. أنا الحكاية التي لم تكتبها حسابات السياسة، بل سطّرها الدم، والدمع، والغربة.
#مواطن_سوري_مستقل
#ندبة_في_قلب_وطن