تحقيق صحفي بعنوان: “السماء جفت… والصعيد ينتظر الغيث: أزمة المطر في جنوب مصر وأسرار الغياب

بقلم أسامة محمود 

 

 

المقدمة:

 

 

لم تكن السماء يومًا بخيلة على أرض الكنانة، فقد عُرفت مصر عبر تاريخها بأنها “هبة النيل والمطر”، لكن السنوات الأخيرة حملت تغيرًا لافتًا في أنماط الطقس، خاصة في محافظات الصعيد، حيث أصبح غياب المطر مشهدًا مألوفًا، وانتظار الغيث طقسًا موسميًا لا يأتي. فهل توقفت السماء عن البكاء؟ وما أسباب هذا التغير؟ وهل نحن أمام أزمة مناخية صامتة تُهدد التوازن البيئي والمعيشي في جنوب مصر؟

 

 

نص التحقيق:

 

 

في جولة ميدانية بمحافظات أسيوط وسوهاج وقنا، تحدثنا مع عدد من الأهالي والمزارعين الذين أجمعوا على أن المطر لم يعد يزور أراضيهم كما اعتادوا، حتى في أشهر الشتاء المعروفة بالغزارة النسبية.

يقول الحاج عبد الرحمن، أحد مزارعي قرية بني حسين بأسيوط:

“زمان كنا نعرف إن في ديسمبر ويناير هنشوف المطر ولو حتى يومين، دلوقتي بقالنا سنين ما شوفناش نقطة ميه تنزل من السما، وكل اعتمدنا بقى على مياه الآبار والنيل”.

هذا الغياب اللافت للأمطار يثير تساؤلات مشروعة: هل تغيّر المناخ العالمي امتد تأثيره إلى مصر؟ أم أن هناك أسبابًا محلية فاقمت من الجفاف؟

الدكتور أحمد السيد، خبير الأرصاد الجوية والمناخ، يوضح:

“السبب الرئيسي هو التغيرات المناخية العالمية التي أثرت على توزيع الأمطار حول العالم، ومنها منطقة شرق المتوسط وشمال إفريقيا. ارتفاع درجات الحرارة وتراجع التيارات الباردة القادمة من أوروبا أدى إلى تقليل فرص تكون السحب الممطرة. كما أن التصحر وتراجع الغطاء النباتي ساعدا على زيادة الجفاف”.

 

 

ولعل المفارقة أن مناطق الدلتا والقاهرة شهدت مؤخراً بعض الزخات الخفيفة من المطر، بينما ظل الصعيد تحت غطاء من الغبار والحرارة، ما زاد الفجوة المناخية بين الشمال والجنوب.

 

 

المخاطر المحتملة:

 

 

قلة الأمطار لا تعني فقط نقص المياه، بل تهدد بتآكل التربة الزراعية، وارتفاع درجات الحرارة، وتراجع الغطاء الأخضر، مما يفتح الباب أمام موجات هجرة داخلية من الريف إلى المدن، ويزيد من الضغوط الاقتصادية والاجتماعية.

الحلول المقترحة:

 

 

من الضروري أن تتبنى الدولة والمجتمع المحلي إستراتيجيات جديدة للتعامل مع هذه الظاهرة، منها:

 

تعزيز تقنيات حصاد مياه الأمطار القليلة.

 

تشجيع الزراعة باستخدام المياه قليلة الملوحة.

 

التوسع في مشروعات التشجير.

 

إدراج موضوعات التغير المناخي في المناهج الدراسية لرفع الوعي.

 

الخاتمة:

 

 

السماء قد لا تمطر، لكننا نملك أدوات المواجهة إن أحسنا استخدامها. ففي ظل التحديات المناخية المتزايدة، لم يعد الانتظار كافيًا، بل صار لزامًا علينا أن نُعد العدة لعصر جديد، لا تكون فيه الأمطار مضمونة، لكن يمكننا أن نصنع حلولًا تُروّي الأرض وتُنعش الأمل. فهل نستيقظ قبل أن تجف السماء تمامً.

Related Posts

احمد حسن يكتب “بين صرخة وفرحة”

    فى ظل الصمت التام للعالم لما يحدث فى قطاع غزة من إبادة وتجويع وتهجير من الاحتلال الصهيوني نتصدم من حصيلة زيارة ترامب الى دول الخليج والتى بلغت 2…

القاهرة تُطلق الإنذار الأخير .. فلسطين ليست للبيع، وليبيا ليست منفى

  بقلم .. د . هاني المصري     في تطور سياسي لافت يعكس تصاعد التوترات الإقليمية حول القضية الفلسطينية، وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تحذيرًا مباشرًا إلى الإدارة…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *