
بقلم أسامة محمود
بين الطموح والتنكر للحقوق التاريخية”
مقدمة التحقيق:
في قلب القارة السمراء، يحتدم صراع مائي يشهده نهر النيل، شريان الحياة لملايين المصريين، بعد أن شرعت إثيوبيا في بناء “سد النهضة”، أضخم مشروع مائي في إفريقيا. ورغم ما يقدمه السد من وعود تنموية للإثيوبيين، إلا أن المخاوف المصرية تتزايد يومًا بعد يوم بسبب ما قد يحمله هذا السد من تهديدات لأمنها المائي والغذائي. هذا التحقيق يرصد تفاصيل الأزمة من جميع جوانبها، ويطرح تساؤلات مهمة عن المكاسب والخسائر لكل طرف، ومستقبل المنطقة في ظل تعنت المواقف.
أولًا: نظرة عامة على سد النهضة الإثيوبي
الاسم الرسمي: سد النهضة الإثيوبي الكبير (GERD)
الموقع: إقليم بني شنقول على بعد نحو 15 كم من الحدود السودانية
الارتفاع: 145 مترًا
الطول: 1,800 متر
سعة التخزين: أكثر من 74 مليار متر مكعب من المياه
الهدف المعلن: توليد الطاقة الكهرومائية بقدرة تصل إلى 6,450 ميغاواط، وهو ما يعادل أكثر من ثلاثة أضعاف إنتاج السد العالي في مصر.
ثانيًا: السد العالي المصري – درع مصر المائي
الموقع: مدينة أسوان، جنوب مصر
تم الانتهاء من بنائه: عام 1970
السعة التخزينية لبحيرة ناصر: نحو 132 مليار متر مكعب
الأهمية: يُعتبر من أهم المشاريع القومية في تاريخ مصر الحديث، حيث وفر الحماية من الفيضانات والجفاف، وحقق استقرارًا في الزراعة وتوليد الكهرباء.
ثالثًا: الآثار السلبية لسد النهضة على مصر
تهديد الأمن المائي: مصر تعتمد بنسبة 97% على مياه النيل، وأي تقليل في التدفق يشكل خطرًا وجوديًا.
نقص المياه للزراعة: قلة المياه قد تؤدي إلى فقدان ملايين الأفدنة، وزيادة الاستيراد الغذائي.
تأثيرات اقتصادية: قطاعات الزراعة والصناعة قد تتضرر، مما يزيد من معدلات البطالة والتضخم.
مشكلات في توليد الكهرباء من السد العالي: انخفاض منسوب المياه قد يؤثر على قدرته الإنتاجية.
رابعًا: التحديات السياسية والدبلوماسية التي تواجه مصر
فشل المفاوضات: سنوات من التفاوض لم تثمر عن اتفاق ملزم لإدارة وتشغيل السد.
تدويل الأزمة: لجأت مصر لمجلس الأمن والاتحاد الإفريقي، دون تحقيق نتائج حاسمة.
التحركات الأحادية من إثيوبيا: بدء الملء دون اتفاق يُعد خرقًا للمواثيق الدولية.
الضغط الشعبي الداخلي: يطالب المواطنون بحلول حاسمة تضمن حقوق مصر المائية.
خامسًا: الفوائد المتوقعة لمصر (إن وُجدت)
بعض الدراسات تشير إلى أن تنظيم الجريان قد يُقلل من الطمي ويزيد من عمر السد العالي.
احتمال شراء كهرباء من إثيوبيا بأسعار منخفضة مستقبلاً.
سادسًا: فوائد سد النهضة لإثيوبيا
توليد الكهرباء: سيمكنها من تصدير الطاقة لدول الجوار وتحقيق دخل ضخم.
التنمية الصناعية: ستتمكن من تطوير قطاعاتها الإنتاجية اعتمادًا على الطاقة الرخيصة.
السيطرة على الفيضانات الداخلية وتحسين الزراعة.
سابعًا: الأضرار المتوقعة لإثيوبيا نفسها
مخاطر بيئية وهيدرولوجية: موقع السد في منطقة نشطة زلزاليًا قد يعرضه للانهيار.
ديون ضخمة: تمويل السد شكّل عبئًا ماليًا هائلًا على الاقتصاد الإثيوبي.
توترات إقليمية: السد خلق أعداء محتملين في محيطها الإفريقي.
خاتمة التحقيق:
سد النهضة ليس مجرد مشروع تنموي، بل معركة حياة بالنسبة لمصر، وطموح وطني لإثيوبيا. وبين الحق في التنمية وحق الحياة، يقف نهر النيل شاهدًا على أزمة لا تنتهي. ما لم يتم التوصل إلى اتفاق عادل وملزم يراعي مصالح الجميع، فإن مستقبل المنطقة قد يشهد تصعيدًا لا تُحمد عقباه. فهل تنجح الدبلوماسية في تجنيب الشعوب ويلات العطش والصراع الحياة.