بقلم: سما صبري

 

كانت الأم تسير مع ابنها ياسين في طريق المدرسة كعادتهما كل صباح تظنه طريقًا للعلم والأمان حيث تبدأ الأحلام الصغيرة من الحروف الأولى لكنها لم تعلم أن في أحد أركان هذا المكان ظلًا كثيفًا يخفي جريمة تقشعر لها الأبدان

 

ياسين ذلك الطفل البريء الذي لم يتجاوز السادسة من عمره بدأ يعود إلى المنزل بحزن غامض تحول مع الأيام إلى خوف يسكن عينيه الصغيرتين ثم جاءت اللحظة التي اكتشفت فيها الأم علامات جسدية لا يمكن تفسيرها وآلامًا لا يعالجها دواء

 

التقرير الطبي كان صادقًا وقاسيًا في آن واحد الطفل تعرض للاعتداء مرارًا وتكرارا بدأت الخيوط تتكشف ليكتشفوا أن موظفًا إداريًا في المدرسة كبيرًا في السن كان يستغل موقعه بمساعدة مديرة متواطئة بينما تغض الإدارة الطرف خشية الفضيحة

 

سنوات مرت كان ياسين ضحية خلف جدران الصمت لكن أمه لم تستسلم حملت الملف من جهة إلى أخرى تواجه محاولات إخفاء القضية والتهديد والترهيب حتى وصلت إلى قاعة المحكمة حيث يجلس الجاني اليوم مواجهًا للعدالة

 

لكن هذه القصة لم تكن عن ياسين وحده بل عن أطفال آخرين فضل أهلهم الصمت خوفًا من الفضيحة وعن مدارس تغلق أعينها وعن مجتمع يخاف الحديث عن التحرش رغم وجوده بيننا

 

لغة الصمت لا تعني السلامة.. فهذه علامات الخطر التي يجب أن تنتبه لها كل عائلة، فالأطفال ضحايا التحرش يرسلون إشارات يجب أن نتعلم قراءتها منها:

 

– تغيرات سلوكية مفاجئة كالانطواء أو العصبية الزائدة

– فقدان الاهتمام باللعب والأنشطة المفضلة

– كوابيس متكررة ومشاكل في النوم

– رفض مفاجئ للذهاب إلى المدرسة أو مكان معين

– استخدام كلمات أو سلوكيات جنسية غير مناسبة للعمر

– خوف وارتباك عند رؤية شخص معين أو ذكر اسمه

 

**واجبنا نحو أطفالنا**

 

– تعليم الأطفال أن أجسادهم ملك لهم وحدهم

– تشجيعهم على قول “لا” لأي لمسة غير مريحة

– خلق بيئة آمنة للتحدث دون خوف من العقاب

– مراقبة تصرفات البالغين حولهم وعدم التهاون مع أي تجاوز

– الإبلاغ الفوري عن أي شكوك للجهات المختصة

 

الثقة بأطفالنا لا تعني إهمال إشارات الاستغاثة والحب الحقيقي يبدأ بالحماية ثم الحوار ثم الشجاعة في المواجهة لأن كل طفل يستحق أن يعيش طفولته ببراءة وأمان