تقرير: هل تنجح صدمة ترامب في إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي؟

كتبت آمال خليفه 

 

شهد العالم خلال الأيام القليلة الماضية تصعيدًا اقتصاديًا غير مسبوق، عقب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية دنيا بنسبة 10% على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة، مع نسب أعلى للدول التي تعتمد بشكل رئيسي على التصدير للسوق الأمريكية. وقد استهدفت الرسوم الجديدة دولًا حليفة مثل اليابان وكوريا الجنوبية بنسبة بلغت 25%، فيما تجاوزت النسبة 45% لدول مثل فيتنام، ما ينذر بأزمة ديون عالمية وشيكة نتيجة فقدان فجائي في عائدات التصدير.

 

وقد انهارت أسواق الأسهم العالمية في رد فعل سريع وذعر من المستثمرين، كما أعربت حكومات عديدة عن إداناتها لهذا التوجه الأمريكي. الصين ردّت برسوم جمركية بنسبة 34%، مهددةً بتصعيد حرب تجارية مفتوحة. ورغم ما يبدو من ارتجالية في قرارات إدارة ترامب، فإنها ليست خالية من تخطيط استراتيجي من قبل الدائرة المحيطة به.

 

خطة مدروسة خلف الكواليس

 

وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسنت، والمستشار الاقتصادي ستيفن ميران، تبنيا رؤية لإعادة تشكيل النظام الاقتصادي العالمي، ترتكز على استغلال القوة الاقتصادية الأمريكية عبر أدوات متعددة، من بينها الرسوم الجمركية والتهديد بالانسحاب من التزامات أمنية، وصولًا إلى فرض تخفيضات على مدفوعات حلفاء أمريكا من عوائد سندات الخزانة الأمريكية.

 

الهدف المعلن هو الدفع نحو تفاوض جديد يعيد صياغة النظام الاقتصادي العالمي بما يخدم النخبة الأمريكية، ويضمن إعادة إحياء الصناعة الأمريكية عبر خفض قيمة الدولار، مع الإبقاء على هيمنته كعملة احتياط عالمية.

 

تشابه مع “صدمة فولكر”

 

التجربة الحالية تعيد إلى الأذهان سياسة “صدمة فولكر” عام 1979، حين رفع رئيس الاحتياطي الفيدرالي آنذاك، بول فولكر، أسعار الفائدة لمستويات قياسية لكبح التضخم. رغم دخول الاقتصاد الأمريكي في ركود حاد، فقد تراجع التضخم وازدهر الاقتصاد لاحقًا. غير أن هذه السياسات تسببت في أزمات ديون كبيرة في دول الجنوب العالمي، وهو ما قد يتكرر اليوم.

 

نتائج أولية وتفاعل دولي

 

خلال الأيام الماضية، أعلنت فيتنام استعدادها لخفض الرسوم الجمركية على السلع الأمريكية، وقالت الإدارة الأمريكية إن أكثر من 50 دولة أبدت رغبتها في بدء مفاوضات جديدة. وقد يُعلن ترامب عن سلسلة “انتصارات تفاوضية” قريبًا. لكنّ التحدي الحقيقي يكمن في الصين، الخصم الاقتصادي الأشرس، الذي لن يكون من السهل إخضاعه.

 

خاتمة: مغامرة محفوفة بالمخاطر

 

السياسات التي تنتهجها إدارة ترامب تمثل مقامرة هائلة قد تعيد تشكيل الاقتصاد العالمي، أو تقود إلى أزمة أعمق. لا يوجد ضمان للنجاح، لكن من الخطأ افتراض الفشل المبكر، فالمشهد الاقتصادي العالمي يبدو مقبلًا على إعادة رسم قواعد اللعبة بالكامل

Related Posts

مصر تدين اعتداء قوات الاحتلال على زيارة دبلوماسية في جنين وتطالب بإيضاحات فورية

كتبت هاجر رجب    تعرب جمهورية مصر العربية عن إدانتها الشديدة للحادث المؤسف الذي وقع يوم الأربعاء الموافق 21 مايو 2025، أثناء زيارة عدد من رؤساء البعثات الدبلوماسية من عدة…

وزير الخارجية والهجرة يشارك في الاجتماع الوزاري الإفريقي الأوروبي ببروكسل

كتبت هاجر رجب    شارك الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة، في أعمال الاجتماع الوزاري الإفريقي الأوروبي المنعقد في العاصمة البلجيكية بروكسل يوم الأربعاء 21 مايو، حيث ألقى كلمة…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *