
بقلم : يوحنا عزمي
لا خلاف علي ان سلاح الجو الإسرائيلي هو عصب قوة إسرائيل العسكرية الضاربة وسلاحها الأقوي والأكثر حسما الذي تستخدمه في هجومها علي المدن العربية الآهلة بالسكان لإبادتها وتدمير معالمها وتحويلها إلي أرض محروقة لا تصلح للحياة .. كما حدث ولا يزال يحدث في غزة وما فعله في لبنان وسوريا واليمن ، وتأهبه للهجوم علي إيران ليضرب لها كل ما يمكنه الوصول إليه من مفاعلاتها النووية ومنشآتها الدفاعية الإستراتيجية.
هذا هو سلاحها الجوي الذي جعلت إسرائيل منه أسطورة عسكرية روجت
لها في العالم كله أكسبتها بها قوة هائلة علي الترهيب والردع .. وإلي الحد الذي جعل رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو ووزراء الدفاع ورؤساء الأركان الإسرائيليين يتباهون به أمام العالم ويصفونه بأنه ذراع إسرائيل الطويلة التي تضرب وتبطش ، والتي يمكنها ان تصل إلي اقصي مكان في الشرق الأوسط والعالم للدفاع عن أمن إسرائيل .. وهو ما يدعوني إلي التساؤل :
إذا كانت إسرائيل تمتلك مثل هذه القدرة الهائلة علي الردع والهجوم
علي اي مكان وفي اي وقت وتحت اي ظروف ، فكم هو عدد الطائرات
التي تحوزها ، وألا يمتلك العرب في ترساناتهم الجوية العسكرية أضعاف
هذا العدد ، ومن أحدث المقاتلات الهجومية التي يمكنها ان تمحو إسرائيل وتزيلها من علي وجه الأرض وتفعل بها أضعاف ما تفعله فينا من إبادة وتدمير شامل؟
ولماذا لا تاخذ إسرائيل قوة العرب الجوية ، وهم اثنتان وعشرون دولة
علي محمل الجد ولا تكترث بها ولا تضع وزنا لها في حساباتها ، وكأن
العرب لا يمتلكون طائرة مقاتلة واحدة تستطسع الوصول اليهم ؟.
والرد المنطقي علي ذلك هو ان هذا العجز العربي المزري والمشين هو
بسبب تفرقهم وتشرذمهم وتبعثر مواقفهم وتضارب سياساتهم وسوء تقديراتهم وكيدهم لبعضهم وانفرادهم بقراراتهم التي لا مكان لمفهوم
الأمن القومي فيها لأن حمايته لم تكن يوما هدفهم الذي يتكتلون وراءه ويحشدون قواهم له.
ومن ثم يصبح السؤال الآخر هو : ما الذي يدعوكم إذن إلي اقتناء كل
هذه الطائرات المقاتلة من الغرب والشرق والتي تدفعون فيها ما تدفعونه
من أموال طائلة وبارقام فلكية لا يصدقها عقل ، إذا لم يكن لها اي دور او حضور او استخدام في الدفاع بها عن أنفسكم في ظروف التحدي والخطر ؟
وإذا لم تحرككم كل تلك المجازر الوحشية في غزة التي أبادت البشر والحجر ، واحرقت الأخضر و اليابس ، وتحدت بها إسرائيل مشاعر العالم كله ، فما الذي يمكنه ان يحرككم ويثير نخوة الثأر والرد لديكم ؟.
قلت في مقال سابق لي منذ فترة ليست بعيدة ان مشكلة العرب الحقيقية ليست في وجود السلاح او في عدم وجوده لديهم ، وانما في غياب إرادة إستخدامه ككل دول العالم التي تقتني السلاح لاستخدامه وليس لتخزينه
او لاستعراضه كما يفعل العرب .. فهم يملكون أسلحة يمكنهم ان يحاربوا
بها العالم كله إذا أرادوا ، لكنهم يؤثرون التجنب والابتعاد والتهرب علي التصدي للخطر والتعامل معه بالجدية التي يستحقها وفي مواقف لا تحتمل التردد او التخاذل .. وهذه هي اكبر نقاط الصعف فيهم … وأنه لهذا تجرأت إسرائيل وتغولت وافترت وشبعت تدميراً فينا ، وسوف تظل تفعل ذلك ولن تتوقف إلي ان يقضي الله أمراً كان مفعولاً.