
الأوضاع في الشرق الأوسط وتصعيد الحرب
بقلم : يوحنا عزمي
المنطقة التي تعد مهداً للحضارات القديمة ، والتي شهدت أزهى عصورها
في وقت مضى ، أصبحت اليوم ساحة للقتال والتصعيد العسكري نتيجة للمخططات التي تسعى إلى تمزيقها وتدميرها بالكامل. مع تصاعد الأوضاع في اليمن وغزة ، وتوترات عدة تحيط بإيران ، يبدو أن هناك خطة مرسومة لخلق الفوضى في الشرق الأوسط ، والتي يقف خلفها كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.
هذه الأحداث قد تترك آثارًا مدمرة ليس فقط على مستوى المنطقة بل
على العالم بأسره. من الواضح أن تصرفات هذه القوى العظمى، بدلاً من تحقيق الاستقرار ، تؤدي إلى تعميق الأزمة في المنطقة بشكل متسارع. ينعكس هذا في الحرب التي دمرت حياة الملايين في اليمن وغزة في
حين أن التصعيد العسكري يتخذ أشكالًا جديدة ومختلفة ، من التدخلات العسكرية إلى فرض عقوبات اقتصادية قاسية.
ـ المخطط الصهيو ـ أمريكي ـ
من الواضح أن هناك استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى إحداث تغييرات جذرية في الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط. فالولايات المتحدة وإسرائيل تسعيان لتوسيع نفوذهما في المنطقة من خلال خلق مناطق صراع مستمرة تضمن لهما السيطرة على الموارد والاستراتيجيات العسكرية. يُعتبر الشرق الأوسط بالنسبة لهما منطقة ذات أهمية استراتيجية كبرى ، لذا لا غرابة في أن تتبنى هذه القوى سياسة الفوضى والدمار لأجل ضمان الهيمنة.
ـ ترامب والانعكاسات الكارثية ـ
كان لسياسات الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب ، دور محوري في تفجير الأزمات الحالية، حيث دعم بشكل كبير سياسات إسرائيل في المنطقة وشرع في تقوية العلاقات مع الأنظمة التي تتوافق مع مصالح أمريكا. خطط ترامب تتسم بالرعونة والتهور، وقد رأت العديد من الدول في هذه السياسات تهديدًا لوجودها واستقرارها. قرارات مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس كانت بمثابة خطوة استفزازية فتحت جبهات جديدة من العداء بين إسرائيل وفلسطين، وهو ما ساعد في تعزيز مشاعر الإحباط واليأس في المنطقة.
ـ الشرق الأوسط الجديد ـ
مصطلح “الشرق الأوسط الجديد” الذي طرحته القوى الغربية كان دائمًا شعارًا مغلفًا بنوايا مشبوهة. الهدف من هذا الشرق الأوسط الجديد هو تحطيم الحدود التقليدية للدول وتقسيم المنطقة إلى كيانات ضعيفة متنازعة، يسهل السيطرة عليها. ليس الهدف هو بناء السلام أو تنمية هذه الدول، بل السيطرة على مواردها، سواء كانت نفطًا أو مواقع جغرافية استراتيجية.
ـ مستقبل المنطقة ـ
من المؤكد أن المنطقة ما تزال بعيدة عن السلام الحقيقي. الصراعات والحروب المستمرة تترك آثارًا مدمرة على الشعب العربي، وتمزق المجتمعات وتدمر الهياكل الاقتصادية والاجتماعية. فالتدخلات العسكرية، كما في اليمن وغزة، تؤدي إلى انعدام الاستقرار الأمني ، ما يجعل تحقيق السلام والهدوء أمرًا شبه مستحيل.
في هذا الواقع المعقد والمقلق ، يجب على الدول العربية أن تكون أكثر
حذراً وتنسيقا فيما بينها لمواجهة المخططات التي تهدف إلى تدمير المنطقة. يتطلب الوضع وحدة استراتيجية ورؤية موحدة لمواجهة التصعيد الذي قد يصل إلى مستويات أكثر دموية. ومن الضروري أن يكون هناك تنسيق مع القوى الدولية الصادقة التي تسعى إلى تهدئة الأوضاع وليس إشعالها.
الأحداث القادمة قد تكون حاسمة في تحديد مستقبل المنطقة ، ويجب على الدول العربية والشعوب أن تكون مستعدة لمواجهة التحديات المقبلة بحكمة وواقعية.