
بقلم د . هاني المصري
في الخامس والعشرين من أبريل، يقف المصريون وقفة عزٍ وفخر، يتذكرون يومًا من أيام الكرامة… يوم استردت فيه مصر كامل ترابها الوطني من يد الاحتلال الإسرائيلي، ورفرف العلم المصري على أرض سيناء بعد سنوات من الاحتلال والمعاناة.
لكن الذكرى لا تأتي فقط للاحتفال، بل لتجديد الوعي بخطورة الأطماع التي لم تندثر… نعم، سيناء كانت، ولا تزال، المطمع الأكبر في المخطط الصهيوني، والحلم الذي لم يغب عن خيال قادة الاحتلال منذ تأسيس الكيان الإسرائيلي.
لماذا سيناء؟
ليست سيناء مجرد قطعة أرض صحراوية كما يراها البعض… إنها بوابة مصر الشرقية، قلب الأمن القومي المصري، وكنز استراتيجي غني بالموارد والثروات الطبيعية. موقعها الجغرافي الفريد جعل منها هدفًا دائمًا للعدوان، من الهكسوس حتى إسرائيل.
بالنسبة لإسرائيل، تمثل سيناء “رئة أمنية” وبُعدًا استراتيجيًا يضمن عمقًا دفاعيًا لها ضد الجبهة المصرية. كما أن السيطرة على سيناء تمنحها قربًا من قناة السويس، ومجالًا للتوسع الجغرافي يحقق حلم “إسرائيل الكبرى” الذي تلوح به في السر والعلن.
سيناء في الفكر الصهيوني: عودة مستحيلة أم حنين دفين؟
رغم الانسحاب الإسرائيلي من سيناء في 1982 بموجب اتفاقية كامب ديفيد، إلا أن الرواية الصهيونية لم تسقط فكرة العودة من وجدانها. وتظهر بوادر ذلك في الخطاب الإسرائيلي أحيانًا، وفي السياسات الاستراتيجية التي تركز على مراقبة سيناء، واستغلال أي ثغرة أمنية فيها كذريعة للنفوذ غير المباشر.
بعض المحللين الإسرائيليين لا يخفون حلمهم بوجود دائم في سيناء، ويراهنون على الأزمات الأمنية أو ضعف الدولة المركزية لتحقيق اختراق ما. لكن الرد المصري كان دائمًا حاسمًا: سيناء مصرية… وستبقى كذلك!
تحريرٌ يتجدد كل يوم
اليوم، بعد 43 عامًا، سيناء ليست فقط أرضًا حُررت، بل رمزًا لصمود شعب وجيش لا ينسى، ولا يفرّط، ولا يرضى بعودة الاحتلال بأي شكل. فكل مشروع تنموي، وكل مدرسة تُبنى، وكل طريق يُعبد هناك، هو طعنة في قلب حلم الصهاينة.
الرد على أطماع إسرائيل لا يكون بالكلام فقط، بل بالوعي، بالتنمية، بالتأهب الدائم، وبوحدة المصريين حول وطنهم وحدوده المقدسة.
في الختام…
ذكرى تحرير سيناء ليست مجرد لحظة عابرة في الذاكرة الوطنية، بل مناسبة نُذكّر فيها العدو والصديق أن سيناء خُطت بالدماء ولن تُمسَّ ثانية… وأن مصر إن نامت أحيانًا، لا تنسى أبدًا!